مناهل الشّهد

5.11.08

شرارة الابداع (1)

ها نحن نلتقي في أولى السلسلات الخاصة عن الإبداع آملة أن تقبلوا اعتذاري الكبير وأسفي الشديد عن تأخري في مواصلة السلسلة الإبداعية نظرا للانشغالات الحياتية كما تعلمون ..
المهم في الموضوع بحثت جاهدة بعون من رب العباد عن مختلف المواضيع الإبداعية والتي نستطيع الخروج منها بفائدة عملية في مختلف أعمالنا،فأسأل الله بأن أكون قد فتحت بصيص أمل نحو طريق يقودنا للإبداع فكان كالآتي:

ما هو الإبداع ؟ وماذا نقصد بالإبداع ؟
في الحقيقة هناك تعاريف كثيرة للإبداع، لذلك سنذكر بعض التعاريف ، من أيسر هذه التعاريف التعريف التالي "العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ" أيضا يعرف الإبداع بأنه مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله .
إذن الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن المألوف ولكن لابد أن يكون هذا الإبداع مشروطاً بالفائدة جالباً للمنفعة وهذا ما حثتنا عليه شريعتنا الغراء عند الشروع بالعمل فان جلب الضرر و المفسدة لا يعد ذلك إبداعاً بل يعد دماراً وخرقاً لكافة النظم الإنسانية و للفطرة البشرية فلو قلنا أن موظف ابتكر طريقة جديدة لتخفيض التكاليف أو لتعزيز الإنتاج أو لمنتج جديد، فتعتبر هذه الفكرة من الإبداع.
إذن من هو المبدع ؟
مثلما أسلفت في المقال المنصرم يظن بعض الناس أن الإنسان المبدع ولد هكذا مبدعاً أو أن الإبداع أصبح حقا لصيقاً له، وهو مفهوم غير صحيح لسبب بسيط هو أن كل شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إلا من يأبى ذلك ، فمن أحب جمودية الفكر و جلمودية التفكير أصبح شخصاً مملاً لا يأتي بجديد و لا يحسن من وضعه المعيشي بشتى جوانبه بل أحب العيش هكذا ينتظر ما يأتي له دون تعب أو أدنى جهد .

نموذج ..
كان أحد رجال الأعمال يقف في طابور طويل في إحدى المطارات، لاحظ الرجل أن أغلفة تذاكر السفر بيضاء خالية، ففكر في طباعة إعلانات على هذه المغلفات وتوزيع هذه الأغلفة مجاناً على شركات الطيران، وافقت شركات الطيران على هذا العرض، وتعاون رجل الأعمال مع مدير إحدى المطابع وتم هذا المشروع، والنتيجة أرباح بملايين الدولارات! الفكرة إبداعية وصغيرة، لكنها جديدة ولم يفكر فيها أحد من قبل، وصار لهذا الرجل زبائن من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة.

أهم صفات المبدعين :
حاول أن تمارس هذه الصفات على نفسك وتعهدها بالتمرين وحاول أن تغرسها بين الآخرين فالمبدعون هم من:
- يبحثون عن الطرق والحلول البديلة ولا يكتفون بحل أو طريقة واحدة.
- لديهم تصميم وإرادة قوية.
- لديهم أهداف واضحة يريدون الوصول إليها.
- يتجاهلون تعليقات الآخرين السلبية .
- لا يخشون الفشل ( أديسون جرب 1800 تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي ).
- لا يحبون الروتين.
- يبادرون.
- إيجابيون و متفائلون.
وإذا لم تتوافر فيك هذه الصفات لا تظن بأنك غير مبدع، بل يمكنك أن تكتسب هذه الصفات وتصبح عادات متأصلة لديك.
معوقات الإبداع
معوقات الإبداع كثيرة، منها ما يكون من الإنسان نفسه ومنها وما يكون من قبل الآخرين، عليك أن تعي هذه المعوقات وتتجنبها بقدر الإمكان، لأنها تقتل الإبداع وتفتك به.
الشعور بالنقص ويتمثل ذلك في أقوال بعض الناس: أنا ضعيف، أنا غير مبدع ...إلخ .
عدم الثقة بالنفس.
عدم التعلم والاستمرار في زيادة المحصول العلمي.
الخوف من تعليقات الآخرين السلبية.
الخوف على الرزق.
الخوف والخجل من الرؤساء.
الخوف من الفشل.
الرضا بالواقع.
الجمود على الخطط والقوانين والإجراءات.
التشاؤم.
الاعتماد على الآخرين والتبعية لهم.


طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً :
- مارس رياضة المشي في الصباح الباكر وتأمل الطبيعة من حولك.
- خصص خمس دقائق للتخيل صباح ومساء كل يوم.
- ناقش شخصاً آخر حول فكرة تستحسنها قبل أن تجربها.
- تخيل نفسك رئيس لمجلس إدارة لمدة يوم واحد.
- استخدم الرسومات والأشكال التوضيحية بدل الكتابة في عرض المعلومات.
- قبل أن تقرر أي شيء، قم بإعداد الخيارات المتاحة.
- جرب واختبر الأشياء وشجع على التجربة.
- تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط.
- ارسم صوراً وأشكالاً فكاهية أثناء التفكير.
- فكر بحل مكلف لمشكلة ما ثم حاول تحديد إيجابيات ذلك الحل.
- قدم أفكاراً واطرح حلولاً بعيدة المنال.
- تعلم رياضة جديدة حتى إن لم تمارسها.
- اشترك في مجلة في غير تخصصك ولم يسبق لك قراءتها.
- غير طريقك من وإلى العمل.
- قم بعمل السكرتير بنفسك، وأعطه إجازة إجبارية!
- قم بترتيب غرفتك، وغسل ملابسك وكيها لوحدك.
- غير من ترتيب الأثاث في مكتبك أو غرفتك.
- احلم وتصور النجاح دائماً.
- قم بخطوات صغيرة في كل عمل، ولا تكتفي بالكلام والأماني.
- أكثر من السؤال.
- قل لا أعرف.
- إذا كنت لا تعمل شيء، ففكر بعمل شيء إبداعي تملأ به وقت فراغك.
- ألعب لعبة ماذا لو ..؟
- انتبه إلى الأفكار الصغيرة.
- غير ما تعودت عليه.
- احرص أن يكون في أي عمل تعمله شيء من الإبداع.
- تعلم والعب ألعاب الذكاء والتفكير.
- اقرأ قصص ومواقف عن الإبداع والمبدعين.
- خصص دفتر لكتابة الأفكار ودون فيه الأفكار الإبداعية مهما كانت هذه الأفكار صغيرة.
- افترض أن كل شيء ممكن.


طرق توليد الأفكار :
وصلنا إلى التطبيق العملي، كيف نولد ونبتكر أفكار وحلول جديدة، إليك هذه الطرق:
- حدد هدفاً واضحاً لإبداعك وتفكيرك.
- التفكير بالمقلوب، أي اقلب ما تراه في حياتك حتى تأتي بفكرة جديدة.
مثال:
الطلاب يذهبون إلى المدرسة، عندما تعكسه تقول: المدرسة تأتي إلى الطلاب، وهذا ما حدث من خلال الدراسة بالإنترنت والمراسلة وغيرها.
- الدمج، أي دمج عنصرين أو أكثر للحصول على إبداع جديد.
مثال:
سيارة + قارب = مركبة برمائية، وتم تطبيق هذه الفكرة!
- الحذف، احذف جزء أو خطوة واحدة من جهاز أو نظام إداري، فقد يكون هذا الجزء لا فائدة له.
- الإبداع بالأحلام، تخيل أنك أصبحت مديراً لوزارة التعليم مثلاً، ما الذي ستفعله؟
أو تخيل أننا نعيش تحت الماء، كيف ستكون حياتنا ؟
- المثيرات العشوائية، قم بزيارة محل للعب الأطفال، أو سافر لبلاد لم تزرها من قبل، أو امشي في مكان لم تراه من قبل، ولا تنسى أن تحمل معك دفتر ملاحظات وقلم لكي تسجل أي فكرة أو خاطرة تخطر على ذهنك.
- الإبداع بالتنقل، أي تحويل ونقل فكرة تبدو غير صحيحة أو معقولة إلى فكر جديدة ومعقولة.
- زاوية نظر أخرى، انظر إلى المشكلة أو الإبداع أو المسألة من طرف ثاني أو ثالث، ولا تحصر رؤيتك بمجال نظرك فقط. ماذا لو؟، قل لنفسك: ماذا لو حدث كذا وكذا .. ستكون النتيجة .....
كيف يمكن؟ استخدم هذا السؤال لإيجاد العديد من البدائل والإجابات. استخدامات أخرى، هل تستطيع أن توجد 20 استخدام آخر للقلم غير الكتابة والرسم؟ جرب هذه الطريقة وبالتأكيد ستحصل على أفكار مفيدة.
- طور باستمرار، لا تتوقف عن التطوير والتعديل في أي شيء.


أمثلة وتطبيقات
تصور أن مؤسستك قررت الاستغناء عنك، فماذا ستفعل؟ هل ستبحث عن وظيفة جديدة أو ستبدأ مشروعك الخاص، أو لن تفعل أي شيء بالمرة، فكر وابتكر فكرة إبداعية جديدة، وطبقها إذا أمكن، ولا تنسى أن الخوف على الرزق هو من معوقات الإبداع.
انظر إلى المخلفات والمهملات التي في المنزل، هل بإمكانك أن تستفيد منها؟ على طاولتي علبة لوضع الأقلام فيها، هذه العلبة كانت في الأصل علبة لطعام!! لكن تم تنظيفها وتزينها حتى أصبحت جميلة ومفيدة.
تود أن تذهب مع عائلتك في رحلة إبداعية، كيف ستكون هذه الرحلة؟ غرفتك غير منظمة، كيف سترتبها بحيث توفر مساحة كبيرة، ويكون هذا الترتيب عملي أيضاً.
سيزورك بعض أصدقائك في المنزل، كيف ستستقبلهم بطريقة إبداعية؟
رغبت في تنشيط أفراد أسرتك بنشاط إبداعي جديد، كيف سيكون هذا النشاط؟
قررت أن تزرع حديقة منزلك بنباتات الزينة، كيف ستزرعها وكيف سيكون شكلها؟
لاحظت أن النفقات المالية كثيرة في منزلك، كيف ستقلص هذه النفقات؟ تود أن تتعلم وتزيد ثروتك المعرفية، ابتكر 10 طرق لتزيد من معرفتك.
إذا كنت تعتمد على الخادمة في أعمال المنزل، تصور أنك تخليت عنها لمدة أسبوع، كيف ستدبر أعمال المنزل؟ وطبق هذا التمرين عملياً وتخلص من الخادمة ومن سلبيات الخدم.

وأخيرا وليس بالأخير..
كن شخصاً مبدعاً ولا تلتفت إلى ما يقوله غيرك من تعليقات سلبية ومثبطة، وحاول أن تنمي مهارة الإبداع لديك واعلم أنها مهارة تستطيع أن تكتسبها، والإبداع ضروري لحياة الفرد لكسر الروتين والملل، ولتطوير مهاراته ومعارفه، ولإثراء حياته بالتجارب والمواقف الجميلة، لذلك فكر في كل حياتك الشخصية وحاول أن تبدع ولو قليلاً في كل مجال .
والى لقاء جديد في سلسلات تكميلية عن الإبداع ..
--------------------------------------------

ملحوظة : الموضوع مزيجا من جهد شخصي ومقتبس من الكتب التالية :
- سلسلة الإبداع والتفكير الابتكاري ـ د.علي الحمادي .
- الخروج من الصندوق لفرانك ـ برنس ترجمة نسيم الصمادي

التسميات: